الحرب الأميركية البديلة فتاوى الفتنة المذهبية
د.نسيب حطيط
احتلت إسرائيل وبدعم بريطاني وغربي ،فلسطين وعاصمتها القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ،وشردت الشعب الفلسطيني(العربي والمسلم)في أصقاع الأرض وحولته إلى شعب لاجىء في مخيمات متناثرة في بلاد العرب لا يمتلك أدنى حقوق الإنسان.
وتركت فلسطين ما يقارب العشرين عاما منذ إحتلالها عام1948 حتى إنطلاق مقاومتها الفلسطينية عام 1965،والإحتلال يتوسع خارج الحدود، فاحتل سيناء المصرية والضفة الغربية في الأردن والجولان في سوريا واجتاح العاصمة اللبنانية بيروت والعرب ووعاظ السلاطين علماء فتاوى الفتنة في سبات عميق.
تفرغ بعض علماء الدين لفتاوى(ميكي ماوس) و(إرضاع الكبير) ومنع الإختلاط (والتعويذة) وتكفير الآخرين كل الآخرين من المذاهب والطوائف حتى كادوا يصدقون بأن الجنة لا تستوعب سوى مئات الآلاف وهي مخصصة لهم منذ ولادة آدم(ع)حتى القيامة.
سمعنا فتاواهم في تكفير كل المذاهب دون إستثناء وتكفير من لا يؤمن بالتجسيم لله سبحانه وتعالى وصارت الفتوى عندهم غب الطلب السياسي وفق ما يطلبه الملك أو الرئيس أو الأمير فيسارع المفتي في مصر لتشريع إتفاقية كامب ديفيد فيتذكر قول الله سبحانه(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ولم يتذكر(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم)ويقول المشايخ لا يجوز التظاهر والخروج على الحاكم(ولي الأمر) وإن كان ظالما ،وفي السعودية اعلن الشيخ صالح اللحيدان فتواه الغريبة الشاذة اثناء الحرب الإسرائيلية على غزة (بحرمة التظاهر من اجل غزة واصفا من يخرجوا في هذه التظاهرات بالغوغائيين والمفسدين و المخربين والفوضويون وبالمجانين لاعقل لهم وقال ان الجماهير التي تعبر عن مواقفها عبر التظاهر بأنه "استنكار غوغائي" وان التظاهر هو من "الفساد في الأرض، وليست من الصلاح والإصلاح".وهذا مارحبت به وسائل الإعلام الإسرائيلية ،مع أن اهل غزة هم من اهل السنة والجماعة!!
الفتاوى جاهزة لعدم الدعاء لمجاهدي المقاومة ، لأنهم يقاومون إسرائيل،وقد نسيت الفتاوى ،حصار غزة و مجازر إسرائيل في فلسطين والحرب المستمرة، ولم نسمع من هؤلاء العلماء فتوى تجيز وتوجب قتل نتنياهو أو أي جندي إسرائيلي، لكن آخرفتاويهم على لسان الشيخ صالح اللحيدان تطالب بقتل الرئيس السوري وطائفته لأنهم (كفار)وفق ابن تيمية ،ويفتي بجواز قتل ثلث الشعب السوري لسعادة الثلثين ،ويفتي أيضا بوجوب قتل القذافي لأنه (كافر)لكن هذا الشيخ وأمثاله لم يفت بقتال الأميركيين في العراق ولم يسمع بإحتلالهم!!
لم يفت بقتال الأميركيين في أفغانستان مع مجازرهم الوحشية؟!
ولم يفتي بقتال الأميركيين ومجازرهم في باكستان في الضربات الجوية الخطأ ؟!
وحتى لا يسيء البعض الفهم بأننا نذكر البعض أن هذا الشيخ لا يدافع عن (أهل السنة والجماعة)بل عن أهل(أميركا)وعن جماعته القليلة والدليل ...أليس في العراق(سنة)وقتلتهم أميركا؟
أليست طالبان التي شجعها ومولها زعماؤه(سنية)
أليست فلسطين من(أهل السنة والجماعة )وحركات المقاومة من أهل السنة والجماعة فهل بادر هؤلاء العلماء لنصرة غزة وفلسطين!؟.
ألم يبادر هؤلاء إلى تحريم التظاهر ويحرمونه في بلادهم(الملكية)التي ليس فيها أية ظواهر ديمقراطية أو بعضا من حرية ثم يفتون بجواز ووجوب التظاهر بل قتل الحاكم وعائلته وطائفته!؟.
لقد صار بعض المسلمين أولى بالقتال قبل إسرائيل وأميركا لأنهم يختلفون مع هؤلاء(فقهيا)بينما يتوافق ملوك وامراء هؤلاء العلماء، مع السياسة الأميركية والإحتلال الإسرائيلي.
إن علماء المسلمين (سنة وشيعة) مطالبون اليوم بالوقوف أمام حملة التحريف والتضليل التي تشوه الإسلام وتستكمل دائرة التحريف والتخريب للإسلام الذي بدأته(القاعدة)التي صنعتها أميركا ومولتها بعض الدول الإسلامية ،بحيث تحول الإسلام في الغرب إلى إرهاب وقتل وذبح خلاف طبيعته الأساسية وهي التسامح والسلام والمودة ،وبعدما أغلق بعض المتعصبين والجهلة والعلماء من وعاظ السلاطين الأبواب على الإسلام ضمن شعوبهم يبادر البعض إلى تشويه الإسلام بالفتاوى(الحجرية)والجاهلية الجديدة لينفذوا مشروع(الحرب الاميركية البديلة)فتكون الفتنة المذهبية السنية-الشيعة، والفتن الطائفية بين المسيحيين والمسلمين والقومية بين الأكراد والعرب و..والعرب والبربر والأمازيغ وغيرهم، وتعوض أميركا عن عجزها العسكري بإشعال الفتن الداخلية وتقسيم البلاد وتفرقة العباد حتى يقتل الجار جاره فتنهار منظومة القوة الإسلامية وتتفرق الأمة لتبقى إسرائيل هي الأقوى وتضيع فلسطين والمقدسات ومعها الثروات الإسلامية والعربية كما حدث في العراق أو كما يحدث في بلاد الخليج وغيرها عبر صفقات السلاح الوهمية واضخمة(60ملياردولار)ثمنا للصفقة الواحدة والتي تفوق قدرة الشعب على التسليح.
الم يشاهد هؤلاء(العلماء)القواعد العسكرية الأميركية في أوطانهم؟.
ألم يعرف هؤلاء(العلماء)بالسفارات ومكاتب الإتصال الإسرائيلية في أوطانهم ومع حكامهم؟.
ألم يسمع هؤلاء بالتطبيع مع إسرائيل في الوقت الذي تقوم به الحفريات تحت المسجد الأقصى وتهويد القدس وكل فلسطين؟.
إن الواجب الديني للعلماء الشرفاء والوطنيين من كل المذاهب التصدي لهؤلاء المشايخ وعدم تحويل(الفتوى)إلىاداة سياسية بيد الحكام والسفراء الأميركيين ،وتسخيف قدسيتها بجهلهم أو ضلالهم.
إن الواجب الديني والوطني لحركات المقاومة ،خاصة الفلسطينية منها والدينية (حماس والجهاد) أن تنطق بصوت الحق للتصدي لهؤلاءالمضللين ، ليس للدفاع عن حلفائها من الأنظمة(سوريا وإيران) ولا مع حزب الله وغيره ،بل أن يقفوا مع قضيتهم وأنفسهم قبل الآخرين،وهم الذين ذاقوا طعم التهجير القسري لقياداتهم والقتل لكوادرهم والحصار والقتل لأهلهم في غزة وعلى أيد عربية وإسلامية(سنية)كما تدعي، فأن صمت المقاوميين الفلسطينيين عن قول الحق بجعلهم شركاء في طعن القضية الفلسطينية والدين الحنيف، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأن الوقوف على التل ليس موقفا إسلاميا بل هو موقف الضعيف والإنتهازي .